" حاولوا أن تكونوا أحرارا , فسوف تموتون من الجوع "

اخترت هذه المقولة لتشرشل لتكون عنوان المقالة التي بين يديكم , لأن الحرية هي أسمى مصدر للرزق , ومن دونها نكون تحت رحمة الآخرين , يفعلون بنا ما يشاءون , ولكي نكون أحرارا يجب أن ننهض بأنفسنا , ولكن من قبل أن نتمنى النهضة , وان نحلم بها يجب علينا أن نعلم على الأقل بضعا من شروطها , والسعي لاستيفاء هذه الشروط حتى يتم قبولنا ضمن ركب النجاح والتقدم , ولكن كعادتنا فإن كل ما نفعله هو تقديم الشعارات والهتافات , والتحجج بحجج سخيفة دون أن نسعى أو نحاول , فنحن كعادتنا نحب الكلام , لذا فإنني سأضيف لهذا الكلام الكثير رؤيتي البسيطة في موضوع تحقيق النهضة , وسأتحدث عن أهم 4 شروط لا يحق لنا بدون استيفائها أن نفكر مجرد التفكير في مستقبل جيد !

الشرط الأول... شعب مثقف سياسيا واجتماعيا !

لعل أكثر ما يحضرني الآن كلمة الأستاذ الدكتور طارق مأمون, أستاذ الرمد في كلية طب عين شمس, حين شرح لنا ضرورة أن ننزل بمستوى فكرنا إلى مستوى فكر المريض تعليقا على الفجوة الثقافية الكبيرة بين الطبيب ومرضاه:
(أوعى تفتكر انك مصري , ده في شعب تاني خالص عايش معانا في البلد دي , هو ده اللي اسمه الشعب المصري , أما أنت فبيعتبروك خواجة ).

وبما انك تقرأ هذه المقالة الآن , فاعتبر نفسك أنت الآخر لست مصريا , فأنا أرى أن هذا الأمر لا يقتصر على الأطباء فقط , بل على كل مثقف مهتم بأمور بلده , فالمثقفون في هذه البلد أقلية قليله واهنة وضعيفة وليس لها كلمة مسموعة ,ولا أدري كيف لم يدرك هؤلاء الذين يستميتون في الغداء والعشي مطالبين بحياة كريمة لهذا الشعب المسكين , أن الشعب نفسه لا يرغب في تلك الحياة الكريمة , وانه يرى أن هذا هو الواقع , ويجب أن يتعايش معه في سبيل لقمة العيش , فلقمة عيش ملموسة بالنسبة له , أغلى بكثير من سراب الكرامة الذي يظهر في الأفق مشوها بماض وتاريخ لم يخلو من استعباد البشر وإذلالهم إلا في بعض الأزمنة التاريخية القليلة .

والعيب هنا ليس في المثقفين , بل في ثقافة شعب لا يرى إلا تحت قدميه , شعب فيه أمية فادحة , وشهوانية عظيمه , وعادات وتقاليد مشوبة بالجرم , شعب أصبح شعار كل فرد فيه " انا ومن بعدي الطوفان " , شعب ليس له القدرة على اختيار قائد مناسب له .

فشعب مصر له القدرة على متابعه الأخبار الكروية لحظة بلحظة , والاستماع إلى نفس الأخبار من أكثر من مصدر , وعلى رغم من مشاهدته المباراة كاملة , فإنه لا يهدأ إلا بعد أن يسمع التحليل الكروي والذي لا يقدم ولا يؤخر من النتيجة , ولا يكتفي من ذلك , بل ويذهب إلى الأصدقاء ليعيدوا نفس الكلام على أنفسهم , وفي نفس الوقت لا يأبه لمتابعه الأحداث في الساحة السياسية معلقا بأنها " وجع دماغ عالفاضي ".

ولذا فإن نشر الوعي الثقافي والسياسي هي المهمة الأسمى للمثقفين في هذه البلد , بعيدا عن الشعارات والهتافات الخاوية , التي لا تقدم ولا تؤخر , فإن كنتم تريدون الخير لهذه البلد , فعليكم بدأ مشوار نشر الوعي !

الشرط الثاني... قياده حكيمة !

لا توجد حرب من دون قائد ينظم الجبهات ويدرس الخطط ويعلم كل صغيره وكبيرة في جيشه, لكي يستغل كل نقطة فيه بحكمة حتى يستطيع أن يصل إلى أفضل النتائج بأقل الخسائر.

ونحن في حربنا ضد الجهل للوصول إلى النهضة , يجب أن يكون لنا قائد , له رغبة مشتعلة في إحداث قفزة تاريخيه للوطن , بدون النظر إلى المصالح الشخصية , ليكون شمعه تحترق لتضيء للآخرين , قائد صامد , لا يقبل الزور ولا يرضى إلا بالحق , يمنع الظلم ولو كان على أهل بيته , قائد له فكر وخطة مدروسة وأهداف واضحة لا يتنحى عنها مهما كانت الظروف , ولاءه الأول والأخير لله ثم الوطن .

ولست أتحدث عن شخصية خيالية كسوبرمان أو الرجل الأخضر , فالناظر في التاريخ سيجد قيادات جعلت العالم كله يتعجب , قيادات غيرت مسرى الحياة على الكره الأرضية , وغيرت معالمها تماما , ووحدت ثقافات الشعوب , قيادات غيرت مجرى التاريخ , وهناك أيضا قيادات أخرى حاولت بكل جهدها وفشلت , ولكن تظل المحاولة وسام شرف يقتضي منا جميعا أن نكن لهم كل الاحترام , وان نجعل سيرتهم قصصا لبطولات ليس لها مثيل.

وللأسف فإن هذا الشرط لن يستوفى, إلا بعد وعي سياسي ينتج عنه كوادر جديدة لها صفات القادة, ولكم أتعجب لشعب عدده 80 مليون نسمة, الشخصيات التي تصلح فيه للرئاسة لا يتجاوز عددهم عدد أصابع يد بشرية واحده.
والأدهى من ذلك أن الشعب ليس له القدرة على الاختيار من بينهم !

الشرط الثالث... التنمية الداخلية !

لا يمكننا بكل حال من الأحوال أن ننهض إلا من بعد أن ننمي اقتصادنا , والاقتصاد ما هو إلا مقياس للعلم , فإن ارتقى العلم ارتقى معه الاقتصاد , وان هبط , يهبط معه , وبالتالي يجب علينا أن نقضي على الأمية , وان نطور من أساليبنا في حل المشاكل , ونتخلص من عفن الروتين الذي وصل إلى خبزنا ومعاشنا, وان نبتعد عن سياسة " عيش اليوم بيومه وبكره تتيسر " , لنبدأ في استخدام الأساليب العلمية وبناءً عليها نقوم بالتخطيط لجعل اليوم جيد والغد أفضل , أن نقضي على الوساطة والفقر والجهل , أن نحسن من أنظمة التعليم لتناسب وضعنا الحالي , أن نحفر وننقب داخل عقول أبنائنا بحثا عن تلك المواهب الثمينة , لننميها لتكون يوما من الأيام فخرا للوطن , أن نبدأ في بث روح الانتماء بين أفراد الشعب , وأن نستغل كل نقطة ضوء تبعث فينا الأمل وتبعث فينا الروح حتى نستطيع الخروج من الظلمة التي احتوتنا كثيرا !

الشرط الرابع ... خطه مدروسة لها هدف واضح !

بالطبع لا يخفى عليكم أن كل تلك الشروط لن يكون لها أية قيمة بدون وضع هدف واضح وخطه مدروسة لها عناصر محدده ليتم تنفيذها في وقت معين , خطة توضع على يد عباقرة بلاد النيل , وأساتذتها , نضع فيها كل خبرات علمائنا , الحاضرين والمهاجرين , خطة تبعث في الشعب روح الأمل , تضيء له الطريق , حتى يعلم ما سيأتي به الغد من خير جراء هذه الخطة .

بصيص من الأمل

للناظر في حاضر البلد سيجد أن الكثير من الشباب بالفعل قد بدئوا رحلتهم إلى النهضة , سواء كان ذلك تحت دعوة الدعاة الإسلاميين أو من خلال الجمعيات الأهلية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وصار لها دور فعال في محو الأمية وتنمية دخل الأسر الفقيرة بالمشاريع الصغيرة , والتوعية الصحية , أو حتى من خلال الحركات السياسية الشبابية , المعارض منها والتابع للنظام , فكلاهما سواء , طالما كانت لهم القدرة على جذب المواطنين إلى الساحة السياسية والمشاركة فيها , هؤلاء الشباب هم أمل النهضة وهم مستقبل وطن , فلنرجو الله أن يجعل نهاية هذا الطريق الذي بدءوه هو نهضة نلتمس فيها كرامتنا , ونعيد بها تاريخنا المشرف .
الخميس، 29 أكتوبر 2009

العقل عملة نادرة !!


من المعروف أن الله –سبحانه وتعالي- قد ميز الإنسان عن باقي مخلوقاته بنعمة العقل ، ولكن هل أصبح العقل عملة نادرة في زماننا هذا ؟ في الحقيقة ، أنا أرجو أن أكون مخطئاً في اعتقادي هذا ، ولكن المتأمل لواقع مجتمعنا المصري بصفة عامة وحال شبابنا بصفة خاصة يكتشف هذه الحقيقة المؤسفة ، وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو : ما السبب في تحول العقل إلي عملة نادرة ؟
في رأيي ، أن السبب في ذلك هو مسئولية مشتركة بين ظروف المجتمع والتربية وبين الفرد نفسه ، وتتضح هذه الحقيقة في كل شئ بدءاً من الطفل الصغير الذي يواجه جملة ( اسمع الكلام وأنت ساكت) منذ أول سؤال له ، ثم تتطور الأمور خلال المراحل التعليمية المختلفة من خلال مناهج تعليمية عقيمة تحث وتحفز علي الحفظ والتلقين بعيداً عن الفهم والاستيعاب وإعمال العقل في ما ندرسه ، ويستمر تطور الأمر إلي أبعد من ذلك ، حتى وصل إلي الدين ، فبالرغم من أن المولي –عز وجل- قد خلق للإنسان عقله من أجل أن يفكر في مظاهر إبداع الخالق في الكون من أجل عبادة الله وتعمير الكون ، إلا أنه قد رسخ في ذهن الكثيرين أن كلام رجال الدين قد وصل إلي درجة من القدسية بما لا يدع معه مجالاً لإضافة سؤال يبدأ بــ( لماذا؟ ) ، كل ذلك مخالف لما يأمرنا به رب العالمين من إعمال عقولنا في كل ما حولنا ويتضح ذلك الأمر في خطابه القرآني العظيم " يا أولوا الألباب "
وعلي الجانب الآخر من مسئولية المجتمع والتربية نجد مسؤولية الفرد الذي خالف أمر ربه واستسلم لتلك الهواجس التي سيطرت علي عقله حتى حولته إلي خرقة بالية وعملة نادرة في زمن نحن في أشد الاحتياج لتلك العملة لنواجه تحديات العصر الحديث ، كل تلك العوامل مجتمعه أدت إلي عزوف الإنسان المصري عن التفكير في أوضاع وطنه ومجتمعه .
وفي النهاية ، فأنا لا أملك سوي أن أدعو الجميع لإعمال العقل والتفكير بدلاً من أن تتحول عقولنا لسلال يلقي فيها من يشاء ما يشاء واستشهد في ذلك بالمقولة الشهيرة ( أنا أفكر إذاً أنا موجود ) ...

والله الموفق،،،
السبت، 24 أكتوبر 2009

اللقاء الأول !


(1)

بعد أن ازداد صوت المنبه المزعج في هاتفه المحمول قام من نومه مسرعا , فاليوم سيلتقي بمحبوبته بعد طول انتظار , ارتدى أفضل هندامه , وتعطر باثمن عطر يمتلكه , وأسرع في تحضير حقيبته التي كرهها من كثرة حملها في تلك السفريات الصغيرة المملة , ولكن هذه المرة ستكون مختلفة , فتلك الحقيبة هي الوحيدة التي تعلم بسر تلك المغامرة الجديدة التي لم يغامر مثلها من قبل , بل وستشهد على كل لحظة في هذه المغامرة, ستشهد أول نظره له في عينيها , ستشهد أول كلمة سيقولها لها , ستشهد أول لحظة يسمع صوتها مباشرة من دون الحاجة إلى كل تلك الشبكات السلكية منها واللاسلكية, والتي تسرق من أصواتنا كل تلك الصفات الروحانية التي تميزنا لتحولها إلى مجرد طاقة فيزيائية تنقلها من مكان إلى آخر , طاقة مجرده من حرارة اللقاء و من لوعه الحب و من شوق الرغبة.

حمل الحقيبة وبعد أن هم للخروج عاد مسرعا ليضع فيها قنينة العطر الثمين , بعد إن شك في مقدرة هذا الرذاذ الرقيق الذي ملأ ملابسه في مقاومة عناء السفر ومشقة الطريق, على خلاف قلبه الذي يزداد لهفة كلما مرت دقيقة على اقتراب الميعاد , لكم رغب بأن تمر كل تلك الفترة الزمنية بسرعة البرق , فيرمش بعينيه ليجدها أمامه واقفة تبتسم له بحياء وخجل اللقاء الأول.


(2)

استيقظت على صوت هاتفها لتفتح عينيها على اسمه و صورته يملآن الشاشة , ردت عليه و تبادلا تحيات الصباح التي لا يحلو يومهما من دون آن يسمعها كل منهما بصوت الآخر العذب , فيبتسمان وفي كل منهما أمل رؤية ابتسامة الآخر , تغلق هاتفها بعد أن اطمأنت على موعد وصوله , تقوم من على فراشها لتفتح نافذة غرفتها , فتسقط أشعة الشمس البيضاء لتحتضن شعرها الأسود المنسدل على خديها الورديين , فتلقى التحية على تلك الطيور التي أخذت في التغريد على أغصان الشجر حول المنزل , وكأنها تتمنى لها يوما جميلا مع الحبيب المنتظر.

عادت إلى خزانة ملابسها لتخرج كل ما تحتويه , لتقلد ما تراه في الأفلام حين تقوم الممثلات باختيار أفضل ملابسهن للقاء المحبوب, وبعد أن قامت بالاختيار عادت للنظر إلى الملابس المبعثرة في كل أركان الغرفة , فعلمت أنها ستضطر أن تسمع بعضا من التوبيخ من والدتها حين ترى الغرفة بهذا المنظر ,وبعد أن أيقنت بتفاهة الموقف لم تتمالك نفسها من الضحك المستمر.


(3)

بعد أن أنهى مكالمته معها, ظل ينظر من نافذة القطار وهو سارح يفكر فيها, كيف سيتكلم معها؟ وفي أي المواضيع سيتكلم ؟ يكاد يكون قد استنفذ الكلام طوال فترات الدردشة معها على شاشة حاسبه الشخصي , كيف ستكون تعبيرات وجهها حين تراه؟ وكيف سيتحكم في تعبيرات وجهه أمامها ؟ وأكثر ما كان يحيره كيفية اختيار الكلمات التي سيقولها في المواقف المختلفة , فقد كانت برامج الدردشة والهواتف تتيح له فرصة التفكير وانتقاء الكلمات دون أن تفضحه تعبيرات وجهه ,قرر أن لا يفكر كثيرا في هذا الأمر وأن الحل الأمثل هو التلقائية.

أخرج صورتها من على هاتفه المحمول وظل يتأمل فيها , ويتذكر تلك الأيام التي ظل يقنعها بمشاعره, ورغبته برؤيتها , وهي ترفض بشده فكرة ذلك الحب , لكم شرحت له اقتناعها بأن حب الانترنت ما هو إلا حب مشوه , حب أحادي الإبعاد ,و تتعجب من بناء علاقة بين شخصين أساسها بعض الكلمات مطبوعة بخطوط ثابتة لا تتغير على شاشة كريستالية بغيضة, كلمات تفتقر لجميع أنواع التعبيرات البشرية, لم تقتنع بالفكرة قط .

إلى أن أتى اليوم الذي قالت له أنها بالفعل تشعر بالارتياح بالتحدث معه , ولكن ذلك الارتياح لا يصل إلا تلك المرحلة المتقدمة التي يفسرها بالحب, ومن بعد ذلك أخذت الأمور مجرى آخر , فتراجع عن طلبه ليحتفظ بصداقته بها , ومع الوقت أصبح من اقرب المقربين من أصدقائها , مما جعلها لا تشعر بالحرج حين وافقت على محادثته على الهاتف , وإلى الآن لا يزال اسمه الذي قالته بصوتها الرقيق العذب في أول مكالمة لهما يرن في أذنه كلما تذكر الموقف , وعلى الرغم من ذلك احتفظ بتلك المشاعر حتى يستطيع أن يقترب منها أكثر, وفي أحد المرات قامت بإرسال صورتها إليه, لم يصدق نفسه وقتها, وفي نفس اليوم وجد نفسه يقول لها انه لا يستطيع أن يكتم مشاعره أكثر من ذلك , وانه يحبها , فصمتت قليلا ثم قالت له أنها أيضا تشعر بذلك , ولكنها ما زلت مترددة .

استيقظ من شريط الذكريات ليجد إضاءة الهاتف قد توقفت, فقام ليدخن سيجارة ما بين عربات القطار لعل نار السيجارة تحرق من الدقائق ما يجعل الزمن يمر سريعا.


(4)

مع اقتراب الموعد صار التردد يقتلها , فعلى الرغم من شوقها لرؤيته , فهي ما زالت مترددة في هذا الأمر, فكيف ستقابل ذلك الرجل الغريب وهي لا تعلم عنه إلا ما قد حكاه عن نفسه ؟ ماذا لو كان غير ذلك ؟ ويا ويلها لو كان أحد تلك الذئاب البشرية الذين لا يشبعون من انتهاك شرف بنات الناس , ضاق قلبها من هول الفكرة , ورفض كل رسائل عقلها التي تحذره من الإقدام على مثل هذه الخطوة , وما أن اندلع الصراع ما بين قلبها المشتاق وعقلها الخائف حتى انهارت في البكاء , لم تبك كذلك من قبل , ولكن ماذا ستقول له ؟ ماذا ستقول للرجل الوحيد الذي اسر قلبها وتملك مشاعرها وطارت معه إلى أعالي السماء في أحلام يقظتها؟.

رفضت فكره إلغاء الموعد , وأقنعت نفسها بأنها مستعدة للتضحية بأي شيء لمجرد أن تحتفظ بهذا الحب وتتأكد من مشاعرها , حتى وان كانت هذه التضحية تصل إلى حد مواجهه احد الذئاب البشرية , أقنعت نفسها بأنها ستأخذ حذرها في كل كلمة وكل همسه معه , وأنها لن تزيل الشك من قلبها أبدا حتى تتيقن من الأمر.

غسلت دموعها ثم ارتدت ملابسها وخرجت من غرفتها لتقبل يد والدتها طالبة منها الدعاء بالتوفيق.


(5)

ينتظر كلا منهما الآخر , هو في القطار الذي لم يتبق أمامه سوى دقائق بسيطة للوصول , وهي على رصيف المحطة الذي سيتوج لقاءهما الأول , وما أن ظهرت مقدمة القطار أمامها حتى ازداد توتر قلبها وتسارعت ضرباته.

خرج من القطار فتعجب من الزحام الذي حجب عنه الرؤيا , فاتصل بها ليتفقا على الكافيتيريا كنقطة لقاء, وانطلق مسرعا باتجاهها , حتى رآها من بعيد وهي مازالت تبحث عنه وسط الزحام , ولكنه تركها في حيرتها, ووقف يتأملها برهة وهي مرتدية الجيب الجينز الزرقاء التقليدية يعلوها جاكت أبيض طويل يغطي ما تحته , وحجاب مخطط باللونين الأزرق والأبيض , تأمل وجهها الذي يشع كالبدر في وضح النهار , لم يرى تفاصيل وجهها جيدا, ولكنه شعر بنشوة لم تنتابه من قبل.

وما أن اقترب منها قليلا حتى لاحظت وجوده , فأخذ كلاهما يحدق في عين الآخر , ليغوصا في سواد العيون وكأنها بحور غامضة تمتلئ بالأسرار, فاليوم يبدآن من جديد , صفحة جديدة في قصة حبهما , بل اليوم ستكون الصفحة الأولى.

ذهب إليها وكأنهما لا يعرفان بعضهما , وكأنهما لا يحفظان كل تقسيمه من تقسيمات وجه الآخر عن ظهر قلب, وسألها بكل سذاجة " سماح؟ مش كده؟ “, ابتسمت واحمرت وجنتاها وسألته بنفس السذاجة " علي؟ مش كده؟ “, فضحك كلاهما لتذيب ضحكاتهما الخجولة كل تلك طوابق الجليد التي كانت تفصل ما بينهما.




اقتربت ساعة الصفر وموقعة الحسم واليوم التاريخي ... اليوم الذي ينتظره كل مصري بفارغ الصبر.. تلك الفرحة القادمة من بعيد والتي نمني نفسنا بها ونخشي من ضياعها وان تنقلب الي حزن عميق ولحظة سوداء في تاريخنا المصري اذا لم ننجح في اقتناصها ولم نصعد الي كاس العالم 2010 بجنوب افريقيا .... هذه المشاعر المتداخلة والمتضاربة والتي تضطرب لها قلوبنا هي السبب في ذلك الاهتمام الاعلامي والجماهيري بموقعة 14/11 بين مصر والجزائر ... ولا يخفي علي احد ان الاجواء المشحونة من الممكن ان تؤدي الي معارك دامية بين الجماهير او اللاعبين علي حد السواء يوم المباراة ... ولذلك اطلقت جريدة المصري اليوم حملة " وردة لكل لاعب جزائري " يقدمها لهم نخبة من الرموز المصرية في الرياضة والفن عند وصولهم لمطار القاهرة ... الي هنا الكلام جميل والحملة لاقت نجاحا كبيرا علي المستويات الرسمية المصرية والجزائرية .. ولكن ماذا عن المستويات الشعبية والجماهيرية والتي لن تقبل باي حال من الاحوال بنتيجة غير الفوز والتاهل - ان شاء الله - ؟؟ ماذا عن شعور الجماهير الغفيرة وهي تتذكر ماحدث للاعبينا المصريين خلال لقاء الذهاب في الجزائر وما تعرض له حسن شحاتة وحمادة صدقي من حالات تسمم تبين انها بفعل فاعل من تقرير المستشفي ... وما تعرض له الاعبون قبل المباراة من مضايقات من الجماهير الجزائرية التي سهرت حتي الصباح بجوار فندق المنتخب المصري ترقص وتغني حتي تمنع النوم والتركيز عن لاعبينا ...اما عن المباراة فحدث ولاحرج عن صافرات الاستهجان والمضايقات من الجماهير الجزائرية كلما لمس لاعب مصري الكرة.. والصواريخ التي اشعلتها الجماهير والقتها علي الملعب مما كان من الممكن ان يتسبب في اصابة احد الاعبين.. والدخان الذي حجب الرؤية عن الكاميرات التلفزيونية التي كانت تنقل المباراة فما بالك بالاعبين في الملعب؟؟ .. كل هذا بالاضافة لمضايقات التي تعرض لها اتوببيس الاعبين من القاء زجاجات المياة الفارغة والحجارة عليه اثناء سيره !!!... كل هذا حدث لنا اين ؟؟؟ في الجزائر" الشقيقة ".. كيف للأشقاء ان يسمموا بعضهم ويقتلوهم من اجل مباراة كرة قدم المفروض ان تسودها الروح الرياضية وروح الاخوة بين العرب التي لم اجدها سوي في القاموس المصري فقط ... لو انني اصف هذا الوصف لشخص قادم من الفضاء لا يعلم عن عالمنا شئ لتخيل انني اصف له معركة حربية دارت رحاياها في احدي الدول المجاورة وليست مباراة كرة قدم ...كيف بعد كل ذلك تطلبوا منا ان نقابلهم بكل الود والاحترام والاخاء ... اين كان هذا الاخاء في مباراة الذهاب ؟؟... لماذا دائما اشعر ان حقنا مهضوم وسط اخوتنا العرب ؟؟؟ لماذا يتعمدوا ايذائنا واهانتنا ونتعمد ان نبدي ان شيئا لم يكن؟؟ ... لماذا لا نبدي اعتراضنا ونتخذ موقفا حاسما تجاه كل موقف جارح او مؤذي في حقنا ؟؟.. لماذا لا تكون المعاملة بالمثل والعين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم ؟؟.. لماذا دائما نتهاون في حقوقنا ونفرط في كرامتنا دون اي مبرر مقبول ؟؟؟ .. قد يقول بعضكم ان هذا قدرنا فمصر هي حصن العروبة والاخت الكبري للعرب والتي تتكفل بحمايتهم والدفاع عنهم ... وارد عليه باننا سئمنا من هذا الكلام الانشائي الذي ليس له تطبيق علي ارض الواقع ... انا لست ضد فكرة العروبة والقومية العربية بل انا من اشد المتحمسين لها .. كما انني لست ادعو للتعصب والعنف في الملاعب فكم اكره العنف والتعصب ... ولكنني ايضا اؤمن ان اي علاقة سواء بين الاشخاص او الدول لابد ان تقوم علي الاحترام المتبادل فليس معني العروبة ان كل العرب "يضربونا علي قفانا.. واحنا ناخدهم بالحضن" فهذا ليس بالعدل ... انا مع العروبة التي تقوم علي الاحترام المتبادل فهنا نقول لهم مرحبا بهم في وطنهم الثاني مصر .. اما ماعدا ذلك فلا أهلا ولا سهلاً ...في النهاية اود ان اشكر المصري اليوم علي حملتها ومبادرتها الحضارية وان كنت غير واثق من مدي تقبل الجماهير المصرية لها وتتطبيقها .. وختاما اقول " يــارب النـــصـــــر لمـــــصـــــــــــــر" .. قولوا آمين ..

والله الموفق ،،،
الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

يوميات عازب في المطبخ !!


بعد معاناة كبيرة في حياة العزوبية من ساعة ما سبت البيت عشان اسعى في طريق العلم واللي بالمناسبة مالوش أول من آخر , وكمان في مصر طريق العلم ليس له معالم ولا اشرات , عامل كده زي الطريق الصحراوي بتاع الصعيد , تلاقيه من اوله لآخره مافيهوش غير صحرا , حتى الخدمات الموجوده فيه قليلا ما تجدها , فاضطريت اتعلم بعد مهارات الغسيل والنشر وكمان الطبخ, وبما ان سيادتي هاطلع دكتور , فللأسف متوقع لنفسي اني هاتجوز دكتورة برضه , ولأنها بسلامتها هتكون دكتورة , فأنا مش ضامن انها بتعرف جوز الدرة من حبة الكوسة النية .

فقلت تعمل ايه يا ابو ضياء , تعمل ايه يا ابو ضياء ؟؟!!

مالقتش حل غير اني اغامر وادخل المطبخ , واجرب واسأل وامري لله , اهه بالمره اضمن اكله نضيفة وحلوة بدل اكل الشارع , ومن ناحية التانية اضمن اني آكل اكل بيتي بعد الجواز .

طبعا ما اوصفلكمش اول كام طبخة كانوا عذاب لدرجة ايه , بس الحمد لله بدأت العملية تتحسن وبديت آخد خبرة ولو كانت بسيطة , وبدأت احس ان المطبخ ده مش معضلة زي ما الرجاله فاكره , وانه مش معمل كميا ولا سحر بتقف فيه الست وبشعوذات معينه بتحول الحجارة لأكل , لكن الموضوع كله انه صنعه بسيطه , عشان الرجاله بعدت عنه حصلها نوع من انواع الجهل في الحاجة الجميله دي , سواء كان السبب في الجهل ده كسل الرجاله الطبيعي , او انهم دايما معتمدين على ستات البيت في الموضوع ده.
وعشان كده انا هعمل مدونة يوميات عازب في المطبخ , كل أكله هاسأل عنها وهاعرف اعملها بايدي وتطلع حلوة , هدونها في المدونة دي , منها تبقى مرجع ليا اقدر ارجعلها في اي وقت , ومنها برضه اني افيد اخواتي الرجالة المظلومين اللي مافيش ستات في حياتهم يخلصولهم الموضوع ده .
مش هاستغرب خالص لو بعد افتتاح المدونة الاقي العرايس بتجيلي من كل حتة , اصل عارف البنات ما يصدقوا يلاقوا راجل بيفهم في شغل المطبخ, وعموما ايميلي موجود في المدونة للي عايزة تتقدملي .
ودمتم بود
وده لينك المدونة ....
يوميات عازب في المطبخ
الجمعة، 16 أكتوبر 2009

اسف علي الازعاج !!!


ابتدا العام الدراسي الجديد منذ حوالي اسبوعين .. ورجعنا لمعمعة المذاكرة من جديد والامتحانات اللي بتحرق اعصابنا علي الفاضي والمليان ... طبعا انا ما كتبتش حاجة جديدة من حوالي كده اسبوعين تلات اسابيع ... بس والله غصب عني اصل انا عقبال عندكم السنة دي دخلت سنة خامسة طب بتاع البشر ده .... وما ادراكم ما سنة خامسة!!! ... وكمان ادارة الكلية عندنا بتحب انها تجري تجارب البحث العلمي علينا نحن - فئران التجارب - فمرة يقلك سنة خامسة تدرس اطفال ونساء وتوليد ... ومرة يرجعوا يقولوا تطبيقا لمبادئ الجودة اللي ماشفناش منها حاجة حلوة من ساعة مااتطربقت علي نفوخنا ان طلبة سنة خامسة يدرسوا بـــــــاطــنـــــــــــــــة واطفال ... وطبعا اكيد الناس فاهمة يعني ايه بــــــــــــاطـــنـــــــــــــــــــــة ... ولو كنت ما تعرفش يعني ايه بـاطـنــــــــة؟؟ اشرحلك ... الباطنة مادة ذات ستة عشر كتاباً المفروض تذاكرهم في ستة اشهر وتراجعهم في شهر قبل ما يستلم الاساتذة الدكاترة الافاضل مهمة تقليم اظافرك وقص شعرك واصابتك بكل العقد النفسية والسيكلوجية التي تجعلك تكره اليوم الذي فكرت فيه ان تدخل بقدميك تلك الكلية وتحلم بان تكون طبيبا وذلك بعد ان ينجحوا في تحويل كل احلامك السعيدة الي كوابيس تسيقظ منها كل يوم مفزوعا ولا نملك في النهاية سوي ان نقول - حسبي الله ونعم الوكيل - ... طبعا انتوا متهيألكم اني بشد في شعري دلوقتي وانا بكتب الكلام ده ... احب اطمنكم اني لسه والحمد لله بكامل قواي العقلية والبدنية حتي الآن ... ولكن بصراحة ما اوعدكمش اني استمر كده لغاية اخر السنة !!! طبعا انا طولت عليكم وصدعتكم بس انا حبيت اشرحلكم انا ليه ماكتبتش حاجة جديدة من فترة بس ححاول اني انتظم في الكتابة والتواصل معكم .. بس لوغبت عليكم اسالوا عليا... طبعا انتوا اكيد عارفين عنوان الثرايا الصفرا ......
والله الموفق ،،،
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

نعم ... للتوريث !!

ملاحظة: بداية وقبل أي شيء أحب ان اوضح انني لست من تابعي الحزب الوطني الديموقراطي , ولا حتى من المدافعين عنه وعن سياساته , ولكنني أكتب هذه المقالة احقاقا للحق !!








اتعجب يوميا من الحوارات والمناقشات والندوات والمؤتمرات وكلام المعارضة " الكبير قوي " الذي يقال يوميا منذ سنوات طويله عن موضوع ترشيح جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك نفسه لرئاسه الجمهورية في الفترة الانتخابية القادمة , على الرغم من أن اسم المرشح الذي سيمثل الحزب الوطني لم يعلن بعد , وقد لا يكون جمال مبارك هو ذلك المرشح , ولكن لنفترض جدلا كما يفترضون ان الحزب الوطني فعلها ... هل سيكون هذا أحد أنواع التوريث؟

أعجبت برد أحد المواطنين " يا عمي هو مش مصري , وبيفهم في السياسة , ويستوفي جميع شروط الترشيح , خلاص وماله ... ينزل انتخابات والشعب يقول كلمته ... ذنبه ايه انه ابن الريس ؟ " ... فعلا ما ذنب جمال مبارك ان القدر اختاره ليكون نجلا لرئيس البلاد؟ " يا ناس يا شر ... كفاية قر " !

وللناظر في الشخصيات التي يقترحها البعض لترشح نفسها للرئاسه في الفترة القادمة قد يصيبه الشلل والغثيان والاغماء وكل أمراض الدنيا , فتجد من يقول لك عمرو خالد " طب ازاي وهو اساسا صرح انه مالوش اي أهداف سياسية "

وأحمد زويل الذي أكن له كامل الاحترام , وأعتقد انه لو وصل إلى هذا المنصب سيكون رئيسا جيدا للبلاد , ولا يعيبه إلا شيء واحد , وهو انه يحمل الجنسية الامريكية , وحتى وان قال البعض ان هذا مجرد وضع صوري وأن حبه للوطن لا يمكن ان يراهن عليه أحد , ولكن يظل هذا الأمر عيبا في نظري وفي نظر الكثيرين , وكل هذا غير انه لا يمتهن السياسة أصلا .

ويأتي كذلك أيمن نور والذي على الرغم من انني قرأت انه موقوف عن العمل السياسي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية , ولكنه نفى ذلك في كثير من حواراته الصحفية, ولكن هل سيستطيع بعد كل هذه الضجة التي حدثت معه ان يستوفي جميع الشروط ان لم يكن موقوفا بالفعل ؟ وان فعل فمرحبا به في الساحة الانتخابية .

وهناك أيضا البرادعي وهو من ألمع الاسماء في السياسة العالمية , ولكن حتى الآن لم يقم بخطوة واحده في هذا الأمر , وكل ما نسمعه عن الموضوع هو رغبة بعض شباب حزب الوفد ترشيحه رئيسا لحزبهم , لنجد محمود أباظة يرد على شباب نفس الحزب بأن هذا الأمر مازال مبكرا "شكله كده والله أعلم ... خايف عالكرسي " , وان حدث وقام حزب الوفد بهذه الخطوة ستكون خدمة عظيمة للشعب المصري , خاصة بعد ابداء البرادعي رأيه في النظام السياسي في مصر واقتراحه بتعديل الدستور المصري في بعض النقاط والتي منها تحديد فترات الرئاسة لفترتين فقط " 16 سنه كتير برضه , بس عالاقل ... الطشاش ولا العمى كله ".

وأما المرشح الأكثر جدلا هو المحامي القبطي ممدوح رمزي , الذي كان وسيكون وسيظل عليه جدلا كبيرا بسبب معتقداته الدينيه , خاصة وأن الدستور المصري يقر بأن جمهورية مصر العربية هي دولة اسلامية , ولم نسمع من قبل أن دولة اسلامية كان رئيسها قبطيا , أو قامت على الحكم القبطي , ولكن كعادة بلاد المتناقضات " مصر القرن الواحد والعشرين" , أن حقوق المواطنة تسمح له كما تسمح لجمال مبارك بأن يرشح نفسه .

وكذلك على كل من يريد ان يرشح نفسه ان يضع كل تركيزه في خطته الانتخابية , ويثبت لنا انه يستحق المنصب , ولا ينظر للآخرين حتى يستطيع ان يستغل كل طاقاته بدلا من أن يهدرها " في حاجات لا هتودي ولا هتجيب ".

في النهاية يجب أن يعلم الجميع ان الكلمة النهائية هي للشعب الذي سيقوم بعملية التصويت , ويجب على كل مرشح ان كان من الاسماء السابقة او ظهرت اسماء جديده على الساحة أن يكون واثقا في نفسه , وأن لا يقوم بتلك الألاعيب الخبيثة التي يقوم بها البعض لحرق الآخرين , كتحريف الكلام حول انتخاب جمال مبارك لنفسه والتعبير عنه بلفظه " توريث " , على الرغم من انه لا يوجد شيء في مصر قانوني يدعو للتوريث , كما ان كلمة التوريث تفترض موت الرئيس حسني مبارك " أطال الله في عمره " وتولي جمال مبارك المنصب كنوع من الروتين , وهذا الذي لم يوضع في الدستور ولن يحدث قط .

وأعيدها مره أخرى , رجاء لا للألاعيب الخبيثة والتلاعب بمشاعر الشعب , ودعوا الشعب يختار رئيسه القادم بناء على معلومات صحيحه !!


تحديث بسيط:

سقط مني سهوا , أن كل ما كتبته مبني على فرضية قيام انتخابات نزيهه , يكون الاختيار فيها الاوحد هو للشعب !!

الأحد، 11 أكتوبر 2009

ما تيجي ... نقلع !


"ما تيجي نقلع " ... حملة جديدة شنتها الدولة موجهة لصغار السن , أولئك الأطفال الذين يجلسون بجانب آباءهم وهم يشاهدون الأخبار والعاشرة مساء وبرنامج 90 دقيقة , أولئك الأطفال الذين لا يزالوا يبنون الفكرة الاساسية عن الحياة , وكيف سوف يعيشونها .
تخيلوا تلك الطفلة التي تشاهد بأم عينيها المنقبات يطردن شر طرده من أسرتهن في المدن الجامعية , فقط لأنهن محتشمات ويخفن الفتنه , وفي نفس المشهد تشاهد المتبرجات يدخلن ويخرجن من المدينة بكامل حريتهن , تخيل تلك الطفلة التي تشاهد خبرا يفيد بأن شيخ الأزهر يهين طالبه منقبة , وتخيلها كذلك وهي تشاهد هيفاء وهبي وهي تصعد سلم النجاح " مع أن هذا السلم له اتجاه واحد فقط .. إلى الحضيض " , وتخيلها وهي تشاهد إحدى الحفلات الشاطئية التي تبث من أراضي مارينا وشرم والغردقة وبورتو , وتخيلها وهي تشاهد مرتديات البكيني وهن يرقصن " وعايشين حياتهم عالآخر " دون أن يقول لهن احد " تلت التلاته كام " وقد يكون ذلك لمعرفه الأغلبية أن " تلت التلاته هو واحد , مش محتاجه فكاكه "
تخيلها وهي تزيل آخر حواجز الشرف من عقلها الباطن وهي تسمع خبرا يفيد بتواجد غشاء بكاره صناعي , ليس هذا فقط , بل وأيضا سعره في متناول الجميع.تخيلها وهي تشاهد أحد الأفلام التي تناقش قضية الشرف , وكيف أن البطلة تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعها قبل ليله دخلتها , أو حين تعلم أن في أحشائها ينمو طفل لأحد ممن مارست معهم الرذيلة , لتقول الطفلة في نفسها " ايه الناس القديمه دي؟! الدنيا اتطورت دلوقتي، العوازل متوافره والاغشيه مافيش ارخص منها " .
قد أتفهم موقف الطنطاوي بحكم انه يرى في النقاب انه عاده وليس عباده وأن الأصل هو الحجاب , أتفهم موقف التجار الذين يسعون وراء الكسب من وراء شرف البنات , ولكن ما لم أتفهمه إلى الآن موقف وزير التعليم العالي هاني هلال , فإن كان متخوفا من تسلل احد الأشخاص متنكرا في زي منقبة , فأنا معه قلبا وقالبا , خاصة بعد أن سمعنا عن حوادث الرجال الذين يقوموا بفعل ذلك , وهذا مكان يعشن فيه فتيات يتصرفن بكامل حريتهن وله حرمته . وهذا الأمر له حل , وهو أن تقوم أحد الموظفات في الأمن بأن ترى وجه كل من تمر من على البوابة ومطابقته بصورة الكارنيه , وهذا الأمر ليس بالمستجد , ويحدث يوميا منذ الأزل على حدود السعودية , بل وتقوم الموظفة الأمنية بعملية المطابقة ليس على المنقبات فقط , بل لكل النساء اللاتي يعبرن الحدود , وبذلك يكون حقق الهدف الأمني وحافظ على مشاعر البشر رجالا ونساء , مانعا ما يقوم به بعض الضباط " لما يبحلقوا عنيهم الاتنين " على امرأة بحجة مطابقة صورتها .
وبالطبع كانت الفتيات المنقبات أدرى بهذا الأمر مني, وبالفعل ناقشن هذا الحل, وتم تطبيقه في أول يوم فقط, ومن ثم جاء أمر الطرد, دون أي مجال للمناقشة أو الحوار, لماذا ... لا أفهم؟ "واللي فاهم ياريت يفهمني" مع إن العلم العالي الذي يرمز له هاني هلال ويعمل له خادما , يقوم أساسه على الحوار والنقاش والتفاهم , ولا يقوم على الأوامر والنواهي كما هو المتعارف في الأنظمة العسكرية.وما يحيرني أكثر وأكثر , هو مناداة الدولة بالحرية الشخصية وحقوق المواطنة , فحين نتحدث وننقد شواطئ العراة , أو حتى شواطئ البكيني العادية , أو حين نحارب التبرج وندعو للحجاب , نجد مئات الأصوات تقول أن هذا الأمر حرية شخصيه ... ألا يندرج النقاب كذلك تحت الحرية الشخصية ؟... وأين هي حقوق المواطنة التي ينادون بها ؟ , حين لا تتساوى الروس بين المواطنين وممارسة التفرقة بينهم بسبب الملبس والمعتقدات, أليست المساواة هي احد أسس نظام المواطنة ؟! أليست تلك المنقبة تحمل الجنسية المصرية ؟! وتمارس واجباتها على أكمل وجه ؟! فأين إذا حقوقها ؟!

ولاكمال الصورة أرجو ان تقرؤوا تدوينه ميس سوسه على مدونة الطريق إلى الكوشه التي بعنوان
"نريد حرية لا تعرية"
http://misssosa.blogspot.com/2009/10/blog-post.html