الخميس، 17 ديسمبر 2009

افرض انك شايف انه مهم !

في البداية أحمد الله انه في المقال الأخير لم أجد من يرد على الأدلة الواردة , ولم يكن هناك اعتراض عليها من أي نوع كان , والاعتراض على اللغة العامية ليس هو أساس المقال , لذا فلن أتحدث فيه الآن.

وان كنت من أصحاب الرأي ممن لم استطع إقناعهم بعدم أهمية غشاء البكارة " في حالات الطلاق والاغتصاب " , وترى فيه أهمية عظمى , فأريد أن أخبرك أنني أحترم رأيك حتى وان لم تحترم أنت رأيي, وسأناقشك اليوم فيما إذا وقعت في مثل هذا الموقف , فعلمت أن خطيبتك أو حبيبتك أو أية امرأة كانت لك معرفة بها, أنها مغتصبة ... فماذا تفعل ؟!

أولا: أيا كانت صفة هذه المرأة بالنسبة لك:

رؤيتي البسيطة تقع تحت فكره عامة , وهي الستر , فيجب أن تعتبر أن علمك بهذا الأمر سر ولا يجب أن تفصح به لأحد أبدا , تحت أي ظرف من الظروف , فمثل هذه الأمور انتشارها في مجتمعا لن يحل شيئا , بل سيجعل الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة للفتاه ويتم تلويث سمعتها حتى ولو كانت بريئة تماما , وبالطبع فنشرك لمثل هذا الخبر لن يرفع من مكانتك ولن يؤثر فيك بأي صورة من الصور, ولا تنسى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام " استروا من في الأرض يستركم من في السماء".

ثانيا : خطيبتك قبل الزواج :

لو تقدمت لامرأة لخطبتها, وبعد فترة أخبرك أهلها أو هي بذاتها بهذا الخبر فماذا ستفعل؟ فكر قليلا قبل أن تجيب...
أعتقد أن إجابتك هي " بالطبع سأتركها, فهذا من حقي ولا يوجد ما يجبرني على المتابعة “.
بالطبع لديك كل الحق في كلامك , وأنا معك قلبا وقالبا , فليس من حقك أن ترتبط بامرأة فيها ما يجعلك تنفر منها , ولهذا كانت الخطبة غير ملزمة , ولكن ما قد نختلف فيه هو أسلوب الانفصال نفسه , فمهما كان الوضع فهذه امرأة تم ظلمها مره حين تم اغتصابها , فلا تظلمها مرة أخرى وتشعرها أن هذا الأمر يقلل من قيمتها أو مكانتها بأي صورة من الصور , إذا ما هو الحل المقترح؟

الحل في نظري هو أن لا تنفعل عند سماعك هذا الخبر , ويكون ردك هو الصمت التام, وان أخذت قرارا بالانفصال فلا تتسرع في تنفيذه , ولكن ابدأ فيه تدريجيا , اختلق أسبابا بعيده عن الموضوع أو افعل ما شئت بأسلوبك الخاص , ولكن في هدوء تام وفي فترة طويلة نسبيا قد تصل إلى الشهر , ودون أن يتضح أن هذا الأمر هو السبب الرئيسي في انفصالك عنها ... وهذا لهدف إنساني واحد لا أكثر, أن تحافظ على مشاعرها, فكفاها ما قد واجهته مسبقا.

ثالثا : بعد الزواج :

سأعيد لكم الفتوى المتواجدة في موقع الشيخ عبد العزيز بن باز " رحمه الله “:
"إذا ادّعت أنها زالت البكارة في أمر غير الفاحشة، فلا حرج عليه، أو بالفاحشة، ولكنها ذكرت له أنها مغصوبة ومكرهة، فإن هذا لا يضره أيضاً، إذا كانت قد مضى عليها حيضه بعد الحادث، أو ذكرت أنها تابت وندمت، وأن هذا فعلته في حال سفهها وجهلها، ثم تابت وندمت، فإنه لا يضره.
ولا ينبغي أن يشيع ذلك، بل ينبغي أن يستر عليها، فإن غلب على ظنه صدقها واستقامتها أبقاها، وإلا طلقها مع الستر، وعدم إظهار ما يسبب الفتنة والشر."
وأيضا أريد أن أضيف عليه هذه الفتوى وأرجو أن تقرؤوها حتى نهايتها ...
http://almoslim.net/node/58074

وما أريد أن أقوله عن طريق هذه الفقرة , هو انه من حقك الكامل أن تطلقها , ولكن دون أن تفضحها ولا أن يكون الطلاق مصدر فتنه , كأن تطلقها في اليوم التالي للزواج مباشرة , مما يدخل الشك في نفوس الآخرين , وأعجبتني كثيرا هذه الفقرة في الفتوى الثانية :

" وقد ذكر أبو حامد الغزّالي عن بعض الصالحين أنَّه أراد طلاق امرأته ، فقيل له : ما الذي يريبك فيها ؟ فقال : العاقل لا يهتك ستر امرأته . فقال:لقها قيل له: لم طلقتها ؟ فقال: ما لي ولامرأة غيري ؟! "

في النهاية ... استروا من الأرض يستركم من في السماء !!

بعد النقد الحاد الذي واجهته في مقالتي السابقة " غشاء البكارة مش مهم " قررت أن اكتب مقالا آخر , وبما أن من احد النقاط التي تم انتقادي فيها هي استخدامي العامية بأسلوب استرسالي لا يناسب موضوعا بهذا الحجم , فقد قررت هذه المرة أن أكتب بالفصحى على الرغم من عدم اقتناعي بهذا الانتقاد , وهذا فقط لكي اثبت لأولئك المنتقدين انه لا فرق بين هذا وذاك في التعبير عن قناعاتي ...

أولا : بالنسبة لمقالي السابق والمنشور على مجلة رؤية مصرية على هذا الرابط ...

http://www.roaua.com/article.php?id=939&ref=&start=20

يجب توضيح عدة نقاط وهي :

- لم تكن عبارة "غشاء البكارة مش مهم" مطلقة في مضمون المقال كما كانت مطلقة في العنوان ... فقد كان القصد منها انه ليس مهما بالنسبة للمطلقة أو المغتصبة ممن يشهد لهن الآخرين بالعفة والطهارة والتزامهن بتعاليم الدين الإسلامي.

- لم أذكر بأي صورة من الصور رأيي في طائفة الفتيات اللائي فقدن عذريتهن بسبب فحشهن , فهذا أمر آخر .

- بالنسبة للآية السادسة والعشرون من سورة النور ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم َّمغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) التي استشهدت بها في نهاية المقالة ففي تفسيرها اختلافات:

ففي تفسير القرطبي كتب :

" قال ابن زيد : المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال , وكذا الخبيثون للخبيثات , وكذا الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات .

وقال مجاهد وابن جبير وعطاء وأكثر المفسرين : المعنى الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال وكذا ....... , وقيل أن هذه الآية مبنية على قوله تعالى ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) ... " .

ولكم أن تراجعوا ذلك التفسير كاملا كما تشاءون , وأجد أن هذا الاختلاف في التفسير لا يمنع ان استشهد بالآية في هذا الموضوع كما اعترض البعض !

ثانيا : تعريف بسيط عن غشاء البكارة :

1- ما هو غشاء البكارة ؟

طبقة جلدية تسد بشكل جزئي فتحة المهبل.

2- ما وظيفة غشاء البكارة ؟

ليس له أي فائدة وظيفية. و هو ليس أكثر من بواقي جنينية، و ذلك لكون الفرج و المهبل يختلفان
بأصليهما الجنيني، و كل من هما يأتي من بشرة أولية مختلفة عند الجنين. مما يفسر وجود هذا
الغشاء الذي ليس هو أكثر من حاجز غير منيع بين عضوين من أصلين مختلفين.

بمعنى آخر , غشاء البكارة ما هو إلى بقايا جنينية , والتي يوجد من تلك البقايا في العديد من أجزاء جسم الإنسان المختلفة , وتلك البقايا كعادتها , ليس لها وظيفة تذكر فقد انتهت وظيفتها في العمر الجنيني للإنسان !!

ثالثا : المغتصبة ... ما لها وما عليها :

بحكم الدين فليس على المغتصبة شيء , فمهما كانت الظروف التي أدت إلى إكراه تلك المرأة على الجماع دون إرادتها , فإنه ليس عليها شيء ..

فكما جاء في "فقه السنة" لسيد سابق في فصل حد الزنا , فقرة " حكم الوطء بالإكراه " :

" إذا أكرهت المرأة على الزنا فإنه لا حد عليها , لأن الله تعالى يقول:

( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه )

والرسول عليه الصلاة والسلام يقول :

( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )

وقد استكرهت امرأة على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فدرأ عنها الحد.

وجاءت امرأة إلى عمر فذكرت له أنها استسقت راعيا فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها – ففعلت – فقال :

( علي : ما ترى فيها ؟ قال : إنها مضطرة , فأعطاها شيئا وتركها )

ويستوي ذلك في الإكراه بالإلجاء – بمعنى أن يغلبها على نفسها – والإكراه بالتهديد, ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم .... " ولكم أيضا أن تراجعوا نص هذا الكلام كما تشاءون .

السؤال المطروح , كيف نقوم نحن البشر , بتذنيب تلك من برأها الله والرسول والدين؟؟؟

رابعا : العيب في من , الرجل المغتصب أم الفتاة المغتصبة ؟

1- فلنتخيل معا هاتين الحادثتين , واللتين مرتا كثيرا على مسامعنا ...

الأولى ... رجل يغتصب فتاة لم تتعد الثمانية سنوات !!

والثانية ... امرأة راودت رجلا عن نفسه ولكنه على رغم جمالها أبى أن يقع معها في فاحشة الزنا !!

ففي الأولى نجد رجلا يغتصب فتاة لم تظهر لها أية ملامح للأنوثة , والثانية يأبى رجل أن يجامع امرأة في منتهى الجمال , فأين العيب هنا ؟

مع العلم أن الصورة الثانية لها جزاء في الدين , وهذا دليل على تواجدها , فلولا وجودها لما وضع لها الله جزاء ومكافأة , فكما ذكر في الحديث النبوي الشريف :

( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) متفق عليه.

2- ذلك الرجل الذي ذهب ليغتصب امرأة مهما كانت ما ترتديه , ألا يعلم أن هذا زنى وانه ذنب يعاقب عليه المجتمع والقانون ؟ فلماذا إذا لا يوفر على نفسه مشقة الاغتصاب ويذهب إلى احد بيوت الدعارة الرخيصة حتى يريح نفسه من بشاعة ما يراه في الشوارع مع عدم استطاعته للزواج؟

أنا هنا لا أبيح الزنا والدعارة , ولكنني استغرب سيكولوجية ذلك الشخص الذي تتوافر لديه صورتان من الزنا فيمارس أصعبهما وهو الاغتصاب ؟ , ألا يدل ذلك على خلل في الشخصية ذاتها؟

3- ما هو حكم المغتصب؟

من اختطف امرأةً مكابرةً فهو محارب لله , وممن يسعى في الأرض بالفساد وهو مشمول بقوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة:33

وهذا هو ما تضمنه قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم 85 في 11/11/1401هـ ومما جاء فيه : "إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه : دفع إليّ قومٌ خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه فيها فاحتملنها ثم جَدّ فيهم الطلب فأُخذوا وجيء بهم فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا : ليسوا محاربين ؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون !. ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال , وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم , ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج "

4- مما سبق , أعتقد ان من حقي أن اجزم كل الجزم ان العيب وكل العيب يقع على المغتصب وحده , فلو كان الرجل سليم النفس , ومؤمن القلب , لما لمس فتاة ولو كانت في شده الجمال وعارية أمامه خوفا من الله , وما نسمعه من حجج عن سوء الملبس وتصرفات الفتيات , لا تجعل من ذلك مبررا أبدا لفعلة الزنا أو الاغتصاب !!

وأذكركم مرة أخرى أنني اخص بكل هذا الموضوع ذوات الدين من المغتصبات واللائي ينتفي فيهن سوء الملبس والتصرفات, وفي رأيي الخاص الذي قد ترفضونه أن تلك التي غيرت ملبسها للأفضل بعد حادثة الاغتصاب وتابت إلى الله ليس عليها شيء أيضا !

خامسا : ماذا يفعل من تزوج بنتا وبعد الدخول لم يجدها بكرا؟

فكما جاء في الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله:

"فإذا ادّعت أنها زالت البكارة في أمر غير الفاحشة، فلا حرج عليه، أو بالفاحشة، ولكنها ذكرت له أنها مغصوبة ومكرهة، فإن هذا لا يضره أيضاً، إذا كانت قد مضى عليها حيضه بعد الحادث، أو ذكرت أنها تابت وندمت، وأن هذا فعلته في حال سفهها وجهلها، ثم تابت وندمت، فإنه لا يضره."

لكم أن تراجعوا نص هذه الفتوى في الموقع :

http://www.ibnbaz.org/mat/2864

واعتقد أن ترجمة هذه الفتوى بالعامية ... " غشاء البكارة مش مهم طول ما البنت محافظة على دينها ".

سادسا : أنواع العذارى :

1- العذراء صاحبة الدين والأخلاق الحسنة الصائنة لذاتها وشرفها .

2- العذراء الفاجرة , تلك من حافظت على عذريتها على الرغم من مغامراتها المتعددة ... فللجنس فنون أخرى!!

3- العذراء المرقعة , وما أسهل وأكثر عمليات ترقيع غشاء البكارة في بلادنا !!

4- العذراء الصيني , وهذا عن طريق غشاء البكارة الصيني , آخر هدايا الصين للضحك على ذقون الرجال الشرقيين !

ولكم أشفق عليك أيها الرجل الشرقي المتزمت بشأن غشاء البكارة , ولا ادري عنك كيف ستعلم أي نوع من العذارى هي تلك المرأة التي تزوجتها في هذا الزمن , أعانك الله !!!

سابعا : الخاتمة :

بعد كل هذا أيها القارئ دعني أسألك ...

هل لازلت تضع اللوم على المغتصبة من ذوات الدين والخلق ؟ ولماذا؟

هل تصدق مبررات المغتصبين؟ ولماذا؟

هل يكون بالفعل غشاء البكارة هو الدليل الوحيد للعفة في عصرنا هذا؟

أيهما تفضل , عذراء غير صادقة ... أم غير عذراء صادقة ؟

"ولا تقل من فضلك عذراء صادقة , فهي ليست في موضع خلاف! "

ملاحظة:

قد أكون أطلت عليكم في المقال , ولكن هذا ما طلبتموه , لغة عربية فصحى , وأدلة من الدين الإسلامي , وأرجو أن يكون قد وفقني الله أن اكتب ما ينصف تلك الفئة من النساء من دون أن انشر فسادا أو أقع في خطأ ينم عن عدم فهمي للدين أو سوء اختياري للدلائل , فأنا لست بفقيه , ولكن هذا ما وقع تحت يدي , وصدري رحب لتصحيح أي معلومة فقهية خاطئة وردت في المقال مادام التصحيح جاء بدليل أقوى , أو حجة يبطل بها أحد تلك الأدلة , ولكم جزيل الشكر.