السبت، 24 أكتوبر 2009

اللقاء الأول !


(1)

بعد أن ازداد صوت المنبه المزعج في هاتفه المحمول قام من نومه مسرعا , فاليوم سيلتقي بمحبوبته بعد طول انتظار , ارتدى أفضل هندامه , وتعطر باثمن عطر يمتلكه , وأسرع في تحضير حقيبته التي كرهها من كثرة حملها في تلك السفريات الصغيرة المملة , ولكن هذه المرة ستكون مختلفة , فتلك الحقيبة هي الوحيدة التي تعلم بسر تلك المغامرة الجديدة التي لم يغامر مثلها من قبل , بل وستشهد على كل لحظة في هذه المغامرة, ستشهد أول نظره له في عينيها , ستشهد أول كلمة سيقولها لها , ستشهد أول لحظة يسمع صوتها مباشرة من دون الحاجة إلى كل تلك الشبكات السلكية منها واللاسلكية, والتي تسرق من أصواتنا كل تلك الصفات الروحانية التي تميزنا لتحولها إلى مجرد طاقة فيزيائية تنقلها من مكان إلى آخر , طاقة مجرده من حرارة اللقاء و من لوعه الحب و من شوق الرغبة.

حمل الحقيبة وبعد أن هم للخروج عاد مسرعا ليضع فيها قنينة العطر الثمين , بعد إن شك في مقدرة هذا الرذاذ الرقيق الذي ملأ ملابسه في مقاومة عناء السفر ومشقة الطريق, على خلاف قلبه الذي يزداد لهفة كلما مرت دقيقة على اقتراب الميعاد , لكم رغب بأن تمر كل تلك الفترة الزمنية بسرعة البرق , فيرمش بعينيه ليجدها أمامه واقفة تبتسم له بحياء وخجل اللقاء الأول.


(2)

استيقظت على صوت هاتفها لتفتح عينيها على اسمه و صورته يملآن الشاشة , ردت عليه و تبادلا تحيات الصباح التي لا يحلو يومهما من دون آن يسمعها كل منهما بصوت الآخر العذب , فيبتسمان وفي كل منهما أمل رؤية ابتسامة الآخر , تغلق هاتفها بعد أن اطمأنت على موعد وصوله , تقوم من على فراشها لتفتح نافذة غرفتها , فتسقط أشعة الشمس البيضاء لتحتضن شعرها الأسود المنسدل على خديها الورديين , فتلقى التحية على تلك الطيور التي أخذت في التغريد على أغصان الشجر حول المنزل , وكأنها تتمنى لها يوما جميلا مع الحبيب المنتظر.

عادت إلى خزانة ملابسها لتخرج كل ما تحتويه , لتقلد ما تراه في الأفلام حين تقوم الممثلات باختيار أفضل ملابسهن للقاء المحبوب, وبعد أن قامت بالاختيار عادت للنظر إلى الملابس المبعثرة في كل أركان الغرفة , فعلمت أنها ستضطر أن تسمع بعضا من التوبيخ من والدتها حين ترى الغرفة بهذا المنظر ,وبعد أن أيقنت بتفاهة الموقف لم تتمالك نفسها من الضحك المستمر.


(3)

بعد أن أنهى مكالمته معها, ظل ينظر من نافذة القطار وهو سارح يفكر فيها, كيف سيتكلم معها؟ وفي أي المواضيع سيتكلم ؟ يكاد يكون قد استنفذ الكلام طوال فترات الدردشة معها على شاشة حاسبه الشخصي , كيف ستكون تعبيرات وجهها حين تراه؟ وكيف سيتحكم في تعبيرات وجهه أمامها ؟ وأكثر ما كان يحيره كيفية اختيار الكلمات التي سيقولها في المواقف المختلفة , فقد كانت برامج الدردشة والهواتف تتيح له فرصة التفكير وانتقاء الكلمات دون أن تفضحه تعبيرات وجهه ,قرر أن لا يفكر كثيرا في هذا الأمر وأن الحل الأمثل هو التلقائية.

أخرج صورتها من على هاتفه المحمول وظل يتأمل فيها , ويتذكر تلك الأيام التي ظل يقنعها بمشاعره, ورغبته برؤيتها , وهي ترفض بشده فكرة ذلك الحب , لكم شرحت له اقتناعها بأن حب الانترنت ما هو إلا حب مشوه , حب أحادي الإبعاد ,و تتعجب من بناء علاقة بين شخصين أساسها بعض الكلمات مطبوعة بخطوط ثابتة لا تتغير على شاشة كريستالية بغيضة, كلمات تفتقر لجميع أنواع التعبيرات البشرية, لم تقتنع بالفكرة قط .

إلى أن أتى اليوم الذي قالت له أنها بالفعل تشعر بالارتياح بالتحدث معه , ولكن ذلك الارتياح لا يصل إلا تلك المرحلة المتقدمة التي يفسرها بالحب, ومن بعد ذلك أخذت الأمور مجرى آخر , فتراجع عن طلبه ليحتفظ بصداقته بها , ومع الوقت أصبح من اقرب المقربين من أصدقائها , مما جعلها لا تشعر بالحرج حين وافقت على محادثته على الهاتف , وإلى الآن لا يزال اسمه الذي قالته بصوتها الرقيق العذب في أول مكالمة لهما يرن في أذنه كلما تذكر الموقف , وعلى الرغم من ذلك احتفظ بتلك المشاعر حتى يستطيع أن يقترب منها أكثر, وفي أحد المرات قامت بإرسال صورتها إليه, لم يصدق نفسه وقتها, وفي نفس اليوم وجد نفسه يقول لها انه لا يستطيع أن يكتم مشاعره أكثر من ذلك , وانه يحبها , فصمتت قليلا ثم قالت له أنها أيضا تشعر بذلك , ولكنها ما زلت مترددة .

استيقظ من شريط الذكريات ليجد إضاءة الهاتف قد توقفت, فقام ليدخن سيجارة ما بين عربات القطار لعل نار السيجارة تحرق من الدقائق ما يجعل الزمن يمر سريعا.


(4)

مع اقتراب الموعد صار التردد يقتلها , فعلى الرغم من شوقها لرؤيته , فهي ما زالت مترددة في هذا الأمر, فكيف ستقابل ذلك الرجل الغريب وهي لا تعلم عنه إلا ما قد حكاه عن نفسه ؟ ماذا لو كان غير ذلك ؟ ويا ويلها لو كان أحد تلك الذئاب البشرية الذين لا يشبعون من انتهاك شرف بنات الناس , ضاق قلبها من هول الفكرة , ورفض كل رسائل عقلها التي تحذره من الإقدام على مثل هذه الخطوة , وما أن اندلع الصراع ما بين قلبها المشتاق وعقلها الخائف حتى انهارت في البكاء , لم تبك كذلك من قبل , ولكن ماذا ستقول له ؟ ماذا ستقول للرجل الوحيد الذي اسر قلبها وتملك مشاعرها وطارت معه إلى أعالي السماء في أحلام يقظتها؟.

رفضت فكره إلغاء الموعد , وأقنعت نفسها بأنها مستعدة للتضحية بأي شيء لمجرد أن تحتفظ بهذا الحب وتتأكد من مشاعرها , حتى وان كانت هذه التضحية تصل إلى حد مواجهه احد الذئاب البشرية , أقنعت نفسها بأنها ستأخذ حذرها في كل كلمة وكل همسه معه , وأنها لن تزيل الشك من قلبها أبدا حتى تتيقن من الأمر.

غسلت دموعها ثم ارتدت ملابسها وخرجت من غرفتها لتقبل يد والدتها طالبة منها الدعاء بالتوفيق.


(5)

ينتظر كلا منهما الآخر , هو في القطار الذي لم يتبق أمامه سوى دقائق بسيطة للوصول , وهي على رصيف المحطة الذي سيتوج لقاءهما الأول , وما أن ظهرت مقدمة القطار أمامها حتى ازداد توتر قلبها وتسارعت ضرباته.

خرج من القطار فتعجب من الزحام الذي حجب عنه الرؤيا , فاتصل بها ليتفقا على الكافيتيريا كنقطة لقاء, وانطلق مسرعا باتجاهها , حتى رآها من بعيد وهي مازالت تبحث عنه وسط الزحام , ولكنه تركها في حيرتها, ووقف يتأملها برهة وهي مرتدية الجيب الجينز الزرقاء التقليدية يعلوها جاكت أبيض طويل يغطي ما تحته , وحجاب مخطط باللونين الأزرق والأبيض , تأمل وجهها الذي يشع كالبدر في وضح النهار , لم يرى تفاصيل وجهها جيدا, ولكنه شعر بنشوة لم تنتابه من قبل.

وما أن اقترب منها قليلا حتى لاحظت وجوده , فأخذ كلاهما يحدق في عين الآخر , ليغوصا في سواد العيون وكأنها بحور غامضة تمتلئ بالأسرار, فاليوم يبدآن من جديد , صفحة جديدة في قصة حبهما , بل اليوم ستكون الصفحة الأولى.

ذهب إليها وكأنهما لا يعرفان بعضهما , وكأنهما لا يحفظان كل تقسيمه من تقسيمات وجه الآخر عن ظهر قلب, وسألها بكل سذاجة " سماح؟ مش كده؟ “, ابتسمت واحمرت وجنتاها وسألته بنفس السذاجة " علي؟ مش كده؟ “, فضحك كلاهما لتذيب ضحكاتهما الخجولة كل تلك طوابق الجليد التي كانت تفصل ما بينهما.



6 عبر مين قدك !!:

♥نبع الغرام♥♪≈ يقول...

ناخد اول تحليق

فووووووووووووووووووووو

♥نبع الغرام♥♪≈ يقول...

ربنا يكرمك ان شاء الله وحاضر هنشوف الروابط

تمنايتى لك بمزيد من التوفيق والرقى
ايناس

TWEETY يقول...

ازيك ياعمو

يارب تكون بخير

مي يقول...

بجد القصة هايلة جداااااااا اه عشان كده فى البوست عندى بتاع حب النت قلتلى بتقرى افكارى ههههههههه
بس بجد صياغتها روووووووعة وبالرغم من حبهم الكبير لبعض وتخفيف حدة الخجل من وراء الشاشة بس المقابلة لاول مرة كل واحد مرعوب من مواجهة الاخر طب ياترى الصورة هتبقى زى الحقيقة وميه الف ياترى كانت بتدور فى خيالهم

بس استنى هنا اكيد فى لقاء ثانى واكيد هتدينا نهاية برضه
واحنا بجد مستنين نعرف وانا اول المتشوقين

مبروك ليك اول عمل وان شاء الله من هيكون الاخير ده ميلاد مؤلف عظيم

تحياتى

ghorBty يقول...

ربنا يوفقك اينما تكون

والف مبرروك

عمرو جويلى يقول...

السلام عليكم
أشكر حضرتك على الزيارة
وأتمنى دوام التواصل
وموضوع جميل جداً
دام قلمك
ودمت بكل الخير